محمد بسيوني
“سأكون أول وزيرة للثقافة من ذوي الإعاقة ، حبى وتعلقى الشديد بالفنون المختلفة كالتمثيل والرسم ، يجعلني قادرة علي تقديم كل ماهو جدير بهذا المنصب”.
بتفاؤل ملحوظ واحلام مشروعة حريصة على تحقيقها، بدأت ندي محمود علام ابنة شبين الكوم بالمنوفية، وصاحبة الـ 24 عاماً، تلفت انتباهنا إليها وتجذبنا لنجاريها ونتعرف على أحلامها وامالها، وهى التى ولدت دون ذراعين وانضمت لعالم الأشخاص ذوى الإعاقة رغماً عنها.
تقول ندى انظر الى ما وهبنى الله ومنحنى من نعم كثيرة، ولا اتأثر أو اقف أمام فقدى للذراعين، لانها حكمته وأؤمن بأن ذلك خير لى.
مضيفة أن قدماى هى وسيلتى وطريقى فى الحياة وللحياة، وبها اعيش واتعايش، ومن خلالها لا أفقد الأمل فى فعل ما يراه الآخرون مستحيلاً، واستطيع التحكم من خلالهما فى كل شيئ، بدءاً من تناول لقيماتى أو طعامى، ومروراً بكل مناحى الحياة حتى مواهبى واحلامى، أسعى لتحقيقها من خلال قدماى، ومن خلالهما تعلمت الفن التشكيلى وخاصة فى مجال الرسم، حيث استطيع
التحكم فيهما لرسم لوحات فنية رائعة تجعلك تشعر بالدهشة، من القدرات العالية في كيفية الإمساك بأدوات الرسم المختلفة ، وإستخراج رسومات بدقة وعناية فائقة، وهو ما جعل من يتابعون اعمالى يبدون فيها
مشاعر الإعجاب والدهشة كيف وصلت لهذا وبتلك الطريقة، وهو ما يجعلنى احمل إصراراً بداخلى على التميز.
ولم اكتف بالموهبة بل أخذت العديد من الدورات التدريبية، التي تجعلنى انمي مهاراتى و قدراتى في مجال الرسم، وخاصة بقدمى اليسري ، حتي شاركت في العديد من المعارض المدرسية خلال مرحلة دراستى فى الثانوية ، والتى شهدت إشادة كبيرة بلوحاتى ، وبعضهم تساءل كيف فعلت هذا الابداع، وبتلك التفاصيل الصغيرة فى اللوحات، كما تمكنت من المشاركة فى معارض قصر الثقافة وحصدت المركز الأول علي المحافظة.
وتعود ندى بذاكرتها قليلا وتحكى كيف خطت مشوارها والحياة بقدميها وقالت بدأت في التدرب على الكتابة بالقلم وعمرى لم يتجاوز 6 سنوات ، وبعد عودتنا لـ “ميت خاقان” مركز شبين الكوم بالمنوفية حيث كان يعمل والدى بأحد معارض الاثاث والموببليا بالمملكة العربية السعودية ،و كانت جدتى تعمل بالتربية والتعليم بالمنوفية وتشغل منصب وكيلة مدرسة، فقامت بمساعدتى على تقديم أوراقى والالتحاق بالمدرسة، إيماناً منها بأن التعليم سيضيف لى الكثير واننى فى وضع وظروف مهيأة ، مهما كنت ما اعانيه أو يراه الآخرون عدم مقدرة على تلقى العلم وتعلمه، بل ساهمت معى وعلمتنى كيفية استخدام قدماى في تعلم الكتابة بطرق بسيطة حتى اقوم بإستيعابها بسرعة كبيرة ، و ساعدنى كثيراً في شتى مناحى الحياة وخاصة المجال التعليمي ، و كنت أدون كل ما يقوله المعلم داخل الفصل في مدونتى الورقية و دون مساعدة من أحد من زملائى ، واستمررت علي هذا و ذلك المنوال ، حتي تخرجت من كلية الآداب بجامعة المنوفية ، بل سعيت للحصول علي درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الكلية الملكية البريطانية ووفقنى الله فى ذلك
وتضيف ندي “طوال دراستي مدخلتش لجان خاصة نهائي ، وكنت بمتحن مثل زملائي بالظبط ، وبعتمد على نفسي في الكتابة ، برغم من إن زمن الإمتحان كان بيستغرق أحياناً 3 ساعات ، وهو أمر صعب وعسير أن أظل فى وضع الكتابة بقدمى طول هذا الوقت ،ولكن ربنا كان بيديني طاقة إني أقدر أتخطي تعب أقدامي بسبب كثرة الكتابة”. وهو ما جعلنى أشعر دائماً أنه ليس هناك فى مفردات كلماتى أو منهجى كلمة مستحيل، بل ابحث عن كل ما يجعلنى اتخطى اى صعب أراه واصادفه فى حياتى .
وتشعر ندى بالفخر والاعتزاز عندما تشير إلى أن والدها ووالدتها هما الداعمان لها طوال فترة دراستها من أجل تحقيق أحلامها ، قائلة ما عانيته فى بداياتى تحطم على صخرة دعم والداى لى ، وسعيهما انى أتجاوز اى احباط أو يأس يصادفنى، والصبر على تعلمى كيف اخطو كل خطواتى بقدمى، ولكى أصل إلي ما أتمناه ، وتمكينى من تكوين شخصية ناجحة وقوية قادرة على مواجهة تحديات وصعاب الحياة التي قد اواجها في المستقبل” .