محمد بسيوني

“نفسي أتطور أكتر وأكتر وأصل للعالمية، وأتمنى أن ينال مرضى ضمور العضلات الاهتمام أكثر من ذلك لأن عددنا مش قليل، وكل يوم حالات وفاة جديدة بسبب ما نعانيه من آثار ومضاعفات المرض، ونأمل أن يتم علاجنا على نفقة الدولة، والمساهمة فى تكاليف الأجهزة التعويضية التى تصل إلى مبالغ وتكلفة باهظة لا يقدر عليها مرضى ضمور العضلات”.

بهذه الكلمات – التى تحمل صرخات وأنينًا – بدأت دعاء محمد السيد عيد، ابنة قرية بهناي بمحافظة المنوفية، فى سرد قصة نجاحها  المغمور بالألم، لأنها أصيبت بمرض  ضمور العضلات وهي في عمر الزهور، إذ لم يتعد عمرها وقتها 3 سنوات.

وبالبرغم من محاولات أسرتها في إنقاذها من خلال العرض على الكثير من الأطباء المتخصصين في حالتها، إلا أن المرض تمكن من جسدها الصغير، ونظرا لعدم وجود بروتوكول للعلاج لإيقاف المرض أو الشفاء منه لم تثمر النتيجة إلا عن سوء حالتها الصحية كما تقول.

وفى السطور التالية وبعد لقائنا معها وتوغلنا فى أعماق فؤادها فتحت قلبها وسردت تفاصيل حياتها ..

حيث قالت: ساءت حالتى  الصحية أكثر بعد  بداية إصابتى بالمرض، حيث كنت أعتمد على استخدام «العكاز» أو العصا، وهى إحدى الوسائل المساعدة للأشخاص ذوى الاعاقة الحركية، حتى أستطيع الذهاب إلى المدرسة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ومع التحاقى بالمرحلة الثانوية أصبحت لا أتحرك إلا عن طريق كرسي متحرك، وهو ماسبب معاناة شديدة لى ولأسرتى حينذاك، مما دعا والدى إلى اتخاذ قرار الجلوس في المنزل وعدم استكمال دراستى، وهنا تبخر حلمى الذي كنت أتمناه وأحيا عليه وأتحمل ألمى من خلاله، وهو الالتحاق بكلية الفنون الجميلة.

 

وتستكمل دعاء بقولها: «عرفت من أهلي إن مش هكمل تعليمى، فمبقتش أذاكر وأستغل وقت فراغى فى الشخبطة والرسم على الورق، وخلّصت الثانوي وجلست فى البيت لا خروج، وليلى مثل نهارى لا تغيُّر فيه، والوقت يداهمنى بلا فائدة من استغلاله وألم المرض وعدم استثمار وقت فراغى يقتلني، فكنت بشخبط وبرسم أي حاجة”، ورضخت لأمر والدى وتشبثت بحلمى واستغللت جلوسى في المنزل أيما استغلال، وكنت أختلس النظر إلى ما خطته يداى، ولا أجده سوى “شخبطة” فقط لا ترقى إلى أن تكون شكلًا فنيًا أو خطوط تعبيرية لفن تشكيلى، إلى أن جاءت لحظة وقمت برسم لوحة لأخي الصغير، فنالت استحسان معلميه، وحصلت على ترحيب كبير وإشادة بالغة، وحصلت على تعليقات إيجابية غلفها الانبهار بلوحتى وطلبوا منى رسم لوحات أخرى لزملاء أخى بالمدرسة، وازداد الطلب بعدها ومنه أن أكتب لوحات تعليمية لهم بجانب رسم ما يستحق ويستدعى ذلك على اللوحة.

وتشير دعاء إلى أن أحد أصدقاء والدها كان له فضل عظيم فى انتشار موهبتها فى الخطوط والرسم، حيث قالت: ساعدنى أحد  أصدقاء والدى، وهو يونس عاشور الذي يعدُّ علامة فارقة في حياتى، حيث قام بتدريبى على أسس وقواعد الخط العربي، وكيفية الكتابة بالبوص والحبر، “وهو مثلي الأعلى وله الفضل بعد ربنا فيما  وصلت إليه لتحمُّله مشقة تعليمى أسس وقواعد الخط وكيف أكتب  خط الرقعة والنسخ والديواني، ومازلت أكمل معه باقي الخطوط  بجانب أنه منحنى بعض المهارات الحياتية وخاصة فى كل ما يصادفنى من عقبات وكيف أكون قوية وأتجاوز أي صعاب وأطور وأحسِّن من قدراتى ورسمي، بل علمنى بعض الدروس فى التنمية البشرية وكيف يكون لى هدف فى الحياة، “وإن مفيش حاجة اسمها مستحيل، والحمد لله وصلت للمستوى هذا بفضل ربنا ثم بفضل معلمي وأستاذى”، وأدين له بالفضل فى تكوين شخصيتى.

وعن الخامات التى تستخدمها دعاء فى إبراز مواهبها قالت: أستخدم طرقًا عدة في عمل لوحاتى، حيث نجحت في رسم لوحة للاعب “محمد صلاح” ببعض المشروبات والمأكولات مثل “الشاي والعسل”، كما رسمت أيضاً على بعض الفواكه “كالبطيخ والعنب”، وأملك موهبة أخرى بجانب الرسم، وهى عمل منتجات “الهاند ميد”، وأقوم بتصنيع كافة “الأكسسوارات” الجمالية وتزيينها بالرسم مثل الميدالية الخشبية التي تمكنت من صنعها من جذوع الشجر الطبيعي.

وتنهى دعاء كلماتها: شاركت في مسابقة للرسم وحصدت المركز الأول على مستوى المحافظة، بالإضافة إلى بعض المعارض الثقافية للفنون، منها معرض “دافنشي” و”تراثنا” تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وحصلت على العديد من الشهادات التقديرية لمواهبى المتعددة.

وتحلم دعاء بالحصول على دورات متعددة فى مواهبها والوصول إلى العالمية فى مجالها ومواهبها والحصول على العديد من الجوائز، وأن تنال لوحاتها التقدير المناسب وتوضع فى المتاحف والمحافل.