مرام محمد نور الدين

زادت وانتشرت فى الآونة الأخيرة إصابة الأطفال بصعوبات التعلم، التى تُعرف بأنها مجموعة من الاضطرابات التي تجعل عملية التعلُّم واكتساب مهارات جديدة لدى الطفل صعبة ومضنية، وهي مشكلات لا تعني تدني مستوى ذكاء الطفل، ولا تعني وجود أي خلل في العقل لديه، لكنها تُقلل من قدرة الطفل على اكتساب وتطوير بعض المهارات التعليمية، مثل القراءة أو الكتابة أو النطق.

وحتى ندرك ونعرف المزيد عن صعوبات التعلُّم وما يواجهه أطفالنا نقدم السطور التالية.

فى البداية تبين سارة الزهيري أخصائية صعوبات تعلُّم ، من هم ذوو صعوبات التعلُّم؟

تقول: هم أطفال ذوو سمات طبيعية، ولكن يعانون من عجز أو تأخر أو مشكلات في واحدة أو أكثر

من المهارات التالية: النص، اللغة، القراءة، التهجئة، الحساب، الكتابة، وأخيراً مهارات التواصل اللازمة للتفاعل الاجتماعي .

وهم لا يعانون من إعاقات حسية، أو ما يطلق عليه البعض  تخلفًا عقليًا، وهو لفظ غير صحيح فى إطلاقه، أو عوامل ثقافية أو تعليمية، هم فقط يعانون من صعوبات في عمليات الإدراك أو التفكير.

وعن أهمية التدخل المبكر للتعامل مع الأطفال ذوي صعوبات التعلم، أشارت إلى أنه من المهم جدا عمل التدخل المبكر، فى حالة حدوث أو ظهور أحد أعراض صعوبات التعلم، وخاصة أنها تكون فى مراحل العمر المبكرة، أو السنوات الأولى في مرحلة الطفولة، وعلينا أن ننتبه إلى أنه فى بعض الأحيان، تظهر هذه السمات أو الصفات، أو المشاكل المترتبة على صعوبات التعلُّم، والطفل فى الصف الثالث الابتدائي فما أعلى .

وتضيف الزهيرى أن هناك بعض الخصائص لأطفال صعوبات التعلُّم، ومنها الصعوبات الأكاديمية التى تكون في القراءة والكتابة والحسا ، ومنها الرياضيات مثل صعوبة في معرفة معاني الرموز الرياضية ذات المدلولات المحددة، مثل علامات العمليات الأربع+)، – ، × ، ÷).

بينما قد يواجه البعض الآخر مشكلة في التمييز بين الأرقام المتشابهة كتابة مع اختلافها في الاتجاه مثل (2، 6)، وإدراك الفروق بين الأشكال الهندسية وخاصة المتشابهة والعلاقة بين الأطوال والأوزان.

ومشكلة القراءة التى تتمثل فى: الأصوات اللغوية، وفي الربط بين شكل الحرف وصوته، وفي تكوين كلمات من مجموعة من الحروف، وفي التمييز بين الحروف التي قد تختلف اختلافات بسيطة في شكلها، مثل الباء والنون وبين التاء والياء في نفس الموضع والضاد والصاد (ض، ص)،  كذلك حذف بعض الحروف أو إضافة البعض الآخر، أو إبدال بعض الحروف ببعض أو عكس الحروف أو قلبها،

ومشكلة الإملاء، وهى تعتبر من أهم مظاهر صعوبات التعلُّم في الإملاء الخطأ في كتابة الكلمات، وهى شائعة الاستخدام، وصعوبة تمييز الأصوات المتشابهة، وبالتالي الخطأ في الكتابة المطابقة لما قيل، هذا بالإضافة إلى الحذف والإضافة والإبدال، فهي تظهر في الإملاء كما تظهر في القراءة، ومشكلة الخط، فالكثير ممن لديهم صعوبات تعلُّم يكتب بخط غير واضح، كما قد تظهر صعوبة التعلُّم في عدم القدرة على التحكم في حجم الحرف، حيث قد يكون صغيراً لا يمكن قراءته، أو كبيراً لا يتناسب مع بقية الحروف، أو مع ما هو مقبول، الانحراف عن السطر إما إلى أعلى أو إلى أسفل، صعوبة في تحريك القلم حركة مرنة، وصعوبة في الإمساك بالقلم وفي التآزر بين العين واليد.

ومشكلة اللغة الشفوية، حيث يجد بعض التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلُّم صعوبة في فهم المسموع من الكلام كشرح المعلم، وربط الكلمات بالسلوك، والتمييز بين الكلمات المتشابهة في النطق، واتباع التعليمات الشفوية، واختيار المفردات المعبرة عن التفكير وتذكرها، تركيب الجمل، والمرونة في التعبير عن الأفكار.

وتؤكد الزهيرى أن من خصائص أطفال صعوبات التعلُّم النمائية “الانتباه”، وهو ما نراه فى صعوبة في الانتباه للمعلومات التي يلزم أن يتعلمها، صعوبة في الاستمرار منتبهاً إلى المادة التي يحاول تعلُّمها مدة كافية لمعالجتها، أو يجد مشكلة في الانتقال من فكرة إلى أخرى حين يعرفها؛ هذا بالإضافة إلى أن بعض التلاميذ يجد مشكلة في متابعة تسلسل المعلومات أو الأفكار.

ويجدر التنبيه إلى أنه توجد إعاقة أخرى تعرف باضطرابات الانتباه والنشاط الحركي الزائد، قد لا يميِّز البعض بينها وبين مشكلة الانتباه لدى من عندهم صعوبات تعلُّم.

والذاكرة وخاصة تلك التى تتصف على وجه العموم، لدى هؤلاء التلاميذ بسرعة فقد المعلومات. وصعوبة تذكر ما قد سمعه التلميذ من أرقام أو كلام أو تعليمات أو شرح ونحوه، وصعوبة في تذكر ما شاهده التلميذ كطريقة الحل أو كتابة الكلمات، وصعوبة تذكر ما قرأه، أو غيره من متطلبات الدراسة. وضعف تذكر ما لمسه أو ما قامت به يده من حركة كالخط.

والإدراك وهو من أهم الخصائص المرتبطة بصعوبات التعلُّم، حيث إن في الإدراك صعوبة تمييز أوجه الشبه والاختلاف بين ما يصل إلى الأحاسيس من مثيرات، ففي الناحية البصرية قد يجد التلميذ مشكلة في معرفة الأرقام والحروف والكلمات والأشكال الهندسية ونحوها.

أما من الناحية السمعية فقد تظهر مشكلة في التمييز بين أصوات الحروف والكلمات وعدم فهم اللغة الشفوية بشكل عام، بينما تسبب مشاكل الإدراك الحس – حركي صعوبة في الكتابة باليد.

وخصائص صعوبات التعلُّم في التفكير وهى من مظاهر صعوبات التعلم، وأصعبها مقاومة التفكير، وضعف تنظيم وتصنيف الأفكار والمعلومات، وصعوبة في الوصول إلى المعنى العميق للمعلومة، والميل إلى الاعتماد على الغير فيما يحتاج إلى تفكير. وصعوبة في حل المشكلات متمثلة في عدم الوعي بالمشكلة، وعدم القدرة على تحليلها ووضع بدائل لحلها واختيار البديل الأفضل.

 

وتقول الزهيرى وقد ارتسمت على ملامحها علامات الحسرة : إن صعوبات التعلُّم موجودة ومتمركزة فى فئات متابينة، وفي مجتمعات معينة بسبب انتشار التكنولوجيا وترك الأمهات للأطفال على الموبايل لفترات طويلة، وأمام شاشات التليفزيون لساعات كثيرة، وهو ما أثّر على علاقاتهم الاجتماعية والخصائص الأكاديمية والنمائية للطفل، لذلك لا يوجد مجتمع خالٍ من أطفال صعوبات التعلُّم، وعلينا أن نغيِّر تلك الأنماط والعادات السلبية على أطفالنا .

وتنصح سارة بضرورة توفير مكان هادئ للمذاكرة، حيث لا توجد ألعاب أو أجهزة إلكترونية، أو أطفال صغار فى العمر، حتى يستطيع الطفل التركيز والانتباه، فى المذاكرة، ويجب تخصيص وقت قصير لمذاكرة المواد أو لعمل الواجب المنزلى، حتى لا يشعر الطفل بالملل ويستطيع التركيز، ويفضل متابعة حالة الطفل مع المعلم، والاستعانة بخبراء تربية فى طريقة التعامل معه، وأخيراً، لا تضغط على طفلك أثناء المذاكرة، حتى لا يمل مع تحفيزه بمكافأة.

وتشير الزهيرى إلى  الاستراتيجيات التي يفضل استخدامها في تعليم أطفال ذوي صعوبات التعلُّم ، ومنها يفضل أن يكون له معلمة خاصة تساعده في الصعوبات التي تواجهه في التعلُّم في الفصل، وهذه المعلمة تسمي  shadow” teacher  ” وهى متخصصة  في التعامل مع أطفال ذوي صعوبات التعلم، ولديها خبرة في توصيل المعلومة بطريقة مبسطة وسهلة، وليس كالطريقة التعليمية التقليدية، بل هي تعطي للطفل وسائل ترفيهية تعليمية، حيث يتم تعليم الطفل بطريقة جاذبة له وإيجابية، ولكنه يستفيد منها، ويجب أن يكون في اليوم عدد ساعات معينة يقضيها الطفل مع المعلمة الخاصة به غير معلمة الفصل، حتى تستطيع المعلمة التأكد من أن المعلومات التي أخذها اليوم تعلمها واستفاد منها، ومن الأفضل ألا يتم فصل الطفل عن زملائه في الفصل لفترة طويلة، حتى لا يشعر الطفل أنه مختلف عن أصدقائه، لذلك فالطريقة الأمثل للتعامل مع طفل صعوبات التعلُّم في التعليم هي أن يقضي معظم يومه الدراسي في الفصل العادي مع أصدقائه، وأن يقضي عددا من الساعات مع معلمته الخاصة.