مروة أكرم

أثبت الطفل المعجزة محمد حسن أن المستحيل كلمة فى نظر البعض يهوى بها إيجاد مبررات وأعذار واهية تساعده على تقنين فشله، وطفلنا هو لسان حال كل ذى أمل وطموح، فعلى الرغم من دخوله عالم الإعاقة بالإضافة إلى أنها مزدوجة، فهو من أصحاب الإعاقة البصرية والسمعية فى آن واحد، إلا أنه رفض أن يحيا هكذا بلا عزيمة أو إرادة، وتمكن من حصد العديد من البطولات والميداليات الذهبية في السباحة، لم يتمكن أقرانه من غير ذوى الإعاقة من تحقيقها، معتمداً على حاسة اللمس الباقية من حواس أخرى فقدها، واستطاعت أسرته ومدربه تنميتها ووصل بها لمنصات التتويج .

” طريقنا” التقي بوالدة البطل، هند محمود لنتعرف على قصته، وطريقة تعامل أسرته معه وكيفية ممارسته السباحة وتفوقه بها.

** ما هى تفاصيل الإعاقة المزدوجة التى أصابت محمد؟

* وُلد محمد في شهره السابع مع شقيق توأم كان طبيعياً، لكن محمد دخل حضانة ظل فيها 39 يوماً، ولأن جرعة الأوكسجين التي أخذها على جهاز التنفس الاصطناعي كانت زائدة عن اللازم، أصبح لها تأثير سلبي عليه، وعلى إثرها فقد البصر بسبب حدوث تليف وانفصال في الشبكية، وزادت الصدمة واكتشفنا إصابته بفقدان السمع في الشهر السادس، وبعد أن أتم عامه الأول تم إجراء مقياس للسمع وكانت نسبته في أذن واحدة ٢٠٪ وفي الأخرى كانت معدومة تماما، وبالتالي أصبح محمد عضواً بعالم ذوى الإعاقة، بالإضافة إلى أنها إعاقة مزدوجة “كفيف وأصم”، وتعاملنا معه في البيت من خلال حاستي اللمس والشم، وعندما أتم عامين ونصف أحضرت له اختصاصيا لتنمية مهاراته بعد أن نصحني الأطباء بذلك لأن حالته نادرة، ولن يستطيع أحد التعامل معها سواء في مصر أو بالخارج، وكان الإخصائي يتعامل معه على أنه طفل عادي واستمر معه حتى عامه الثامن، حيث تعلم محمد معه تركيب البازل وبعض المهارات اليدوية كتركيب الإكسسوارات .

** ما هي الدوافع لاختيارك رياضة السباحة؟

* أشقاء محمد كانوا يذهبون للنادي، فكان أخصائي يأخذه ويذهب معه إلى هناك، وكان يفاجئني بأشياء مختلفة يعلمها لابني، وذات مرة وهو في النادي أحب حمام السباحة بمجرد أن لمس الماء، وعاد وبنطاله مبتل وعلمت أنه كان يريد أن ينزل حمام السباحة، ووقتها كان هناك فريق لذوي الاحتياجات الخاصة يتدرب على السباحة في النادي بقيادة كابتن طه خضر، وعندما سأله اختصاصي المهارات حول إمكانية تدريب محمد وافق، وكان محمد يعتبر هو الوحيد متعدد الإعاقة بين أقرانه في التدريب.

ولذلك هو مشترك في اتحادين وهما الاتحاد الرياضى المصرى للإعاقات الذهنية، واتحاد المكفوفين، وكان مشترك أيضا في اتحاد الإعاقات الحركية، ولكنه غادر منه لأنه لا يوجد لديه إعاقة حركية، وكل اتحاد له بطولتان في السنة وهما بطولتا الجمهورية والكأس .

**  ما هي البطولات التي شارك بها؟

*  بعد ثلاثة أشهر من التدريب، بدأ محمد يستجيب لمدربه عن طريق شقيقته “عهد”، فبدأت تنزل معه حمام السباحة، لكن الاتحاد العام للسباحة رفض ذلك وطلب أن ينزل بمفرده، وبدأ الكابتن يعطيه إشارات باللمس، وتمكن محمد من تعلُّم أربعة أنواع من السباحة هي “باك، كرول، برست، حرة”، معتمداً على يديه بدلاً من عينيه، وفي البداية كان يشترك في البطولات الخاصة بالإعاقة الذهنية وحصد ذهبية المركز الأول في كل بطولة جمهورية، ومع  قسم للمكفوفين بدأ يشارك في بطولات للسباحة مع المكفوفين.

وحصد العديد من الميداليات الذهبية، بالإضافة إلى الفضية، كما شارك محمد في بطولة المياه المفتوحة في الإسكندرية مسافة ٢٥٠ متراً وحصد المركز الأول”  .

**  كيف يوازن محمد ما بين الدراسة ورياضته المفضلة؟

*  بسبب الإعاقات المتعددة لمحمد لم يتمكن من دخول المدرسة لأنه لا يوجد مدرسة أو مدرس يستطيع الموافقة على حالته، ولن يتمكن أحد من التعامل معه، ولكن هناك اتجاه من قبل وزارة التربية والتعليم لإنشاء فصول لمتعددي الإعاقة، لكن الموضوع قيد الدراسة ولكنني سجلت اسم محمد في الوزارة، وحرصت منذ البداية على تعليمه، من خلال مدربة خاصة، بعض  المهارات المتعلقة ومنها مهارة الأكل والشرب والتواليت ليطلبها مني دون شعور بالحاجة إليها، وكان ذلك أهم شيء بالنسبة لي .

** ما السمات التي يتميز بها محمد؟

* يتسم محمد بأنه صبور للغاية، وهذا يساعده في القيام ببعض الأشغال اليدوية، وعمل عقد جميل بالخرز، كما أستعين به في المطبخ كثيرًا، فأعطيه بعض المأكولات ليساعدنى فى طهيها، ومنها الملوخية لتجهيزها أو الخبز ليقطعه عندما أعد “الفتة”، كما أنه منظم ويعتمد على نفسه في ترتيب احتياجاته اليومية”  .

** ما النصيحة التي تقدمينها لكل أسرة لتتعامل مع أطفالها من ذوى الإعاقة؟

*  أنه يجب على كل أسرة عدم الغلق على أبنائها بدعوى الخوف عليه أو القلق من الآخرين وأنهم يجهلون احتياجاته أو كيفية التعامل معه، بل  تجعله يندمج وتتعامل معه على أساس أنه طفل عادي، وهو من الأشياء التى اكتسبها محمد وساعدت على تألقه وتميزه، محمد اكتسب مهارات كثيرة جداً وكأنه طفل طبيعي، و”معندوش حاجة اسمها مستحيل وهو يقوم بالتعرف على أشياء من خلال لمسها”، على سبيل المثال الدراجة ليتعرف عليها يجب أن يلمسها ويعرف كيف يقوم بالتعامل معها ثم العدو بها  .