محمد جمال ، محمد عبد الرؤوف ، محمود أسعد ، محمود عادل ، محمد عادل
في عالم تتضاءل فيه المواهب وتندر فرص ظهورها ولمعانها، ظهر لنا طفل اجتازت قدراته الساحرة كل الآفاق والعوالم، أبهر العالم العربي كله بمواهبه المتعددة التي قليلاً ما تجتمع في شخص عادي، فما بالك لو كان هذا الشخص من ذوى الإعاقة البصرية، فخلال مسيرة مليئة بالإبداع والتميز، وإن قصرت، استطاع الطفل مهند عماد فرض اسمه بقوة على الساحتين الإعلامية والفنية بعد مشاركته كسفير للطفولة في مؤتمر «قادرون بإختلاف» ليعلن بذلك عن نفسه بأفضل طريقة ممكنة، مسطراً بذلك واحدة من أعظم قصص النجاح والكفاح التي تسلب أفئدة المتابعين، وتذهل عقول الحكماء، أضف إلى ذلك كله حضوره الساطع، وكاريزمته الفريدة التي طغت على فعاليات المؤتمر، التي من خلالهما نجح في إقناع الرئيس السيسي الذي كان على رأس قائمة الحضور، بإضافة مادة جديدة للمقررات الدراسية تحت عنوان” احترام الآخر”، ولم يكتفِ بذلك فحسب، إذ مكنته مواهبه من حجز مقعد له في سباق مسلسلات رمضان الماضى مع الممثل الأشهر مصطفى شعبان الذي كان حاضرا بدوره كمحاور في هذا المؤتمر، الذي أعلن فيه مهند عماد عن نفسه بقوة لأول مرة للعالم بأسره كنموذج من نماذج الكفاح المستتر.
نموذج ظل صامدا في وجه مصاعب الحياة التي لم تردعه يوما عن مواصلة سيره وتحقيق حلمه..
عن هذا كله نتحدث مع ضيفنا الكبير الصغير مهند عماد، الذي فتح لنا قلبه الكبير بأشياء ربما لأول مرة تذاع على الملأ، وإلى سطور الحوار..
** دعنا نبدأ من الحدث الأبرز على الساحة الإعلامية والفنية الآن، وهو مشاركتك مع الممثل مصطفى شعبان في مسلسل “دايما عامر”، هل يمكنك أن تتحدث معنا عن كواليس انضمامك لهذا المسلسل، ومن هو الشخص الذي اختارك لهذا الدور؟
* بعد أن طلبت من مصطفى شعبان أن أكون معه في المسلسل القادم خلال فعاليات مؤتمر “قادرون باختلاف” على الهواء مباشرة أمام الرئيس، قال لي:”أنت تشرفني يا مهند”، وبعدها بفترة وجدت شخصًا من أحدى شركات الإنتاج الفني يتصل بي ليخبرني بأن مجدي الهواري يرغب باللقاء بي، فوافقت بالطبع على إجراء المقابلة على الفور، ففي كل الأحوال فإن مقابلة المنتج والمخرج مجدي تعني الكثير بالنسبة لي حتى ولو لم يقدر لي أن أشارك في هذا المسلسل، وبعدها ذهبت لمقابلته وهناك أخبرني أنني سأكون متواجدًا في هذا العمل الدرامي من الآن، وكل ما في الأمر أنني وددت أن أقابلك وأتعرف عليك.
** لقد سبق وذكرت في برنامج من البرامج أنك كنت معتادًا على التمثيل منذ أن كنت في المدرسة وسبق لك الفوز بعدة جوائز في هذا المجال، فهل أثر ذلك الأمر في وقوفك أمام الكاميرا؟
* بالنسبة لموضوع التمثيل فكما ذكرت سابقاً أن فكرة التمثيل بشكل عام ليست بالشيء الجديد بالنسبة لي، ومع هذا فقد كان هناك نوع من الرهبة التي تتولد في النفس نتيجة الوقوف أمام كاميرا التصوير، ولكنني سرعان ما تمكنت من تخطيها بفضل النجم مصطفى شعبان والنجمة لبلبة وغيرهما من النجوم الذين مثلت أمامهم في هذا المسلسل، الذين ساعدوني كثيراً جداً، وفي هذا أود أن أخص بالشكر النجم الكبير مصطفي شعبان على منحي هذه الفرصة الكبيرة، وأيضا على طريقة معاملته معي التي أشعرتني بأننا أصدقاء ولسنا مجرد زملاء في هذا العمل الدرامي، حيث إننا دائما ما نتكلم سويا ونسأل عن بعضنا البعض.
** في اللقطة الشهيرة التي قلت فيها لمصطفى شعبان إنك ستكون معه في المسلسل القادم، وذلك خلال فعاليات مؤتمر “قادرون باختلاف”، هل كان هذا الموقف مرتجلاً أم كان ثمة اتفاقًا مسبقًا بينك وبينه، وهل كنت تعرفه قبل المؤتمر، أم أن هذا المؤتمر كان بمثابة اللقاء الأول بينكما؟
* نعم، كنت أعرفه قبل المؤتمر، وتحديداً في “البروفات” التحضيرية لهذا المؤتمر، أما بالنسبة لطلبي منه بأن أكون معه في المسلسل القادم الذي عُرض فى رمضان الماضى، فلم يكن الأمر مرتجلاً أو عفويًا، بل كان بناءً على اتفاق مسبق بيننا.
** نود منك أن تحدثنا قليلاً عن دورك في المسلسل؟
* لقد ظهرت في المسلسل بنفس شخصيتي، وهي شخصية مهند الذي يكون طالبا في نفس المدرسة التي تسمى “رؤية” ولكن قسم “الناشونال”، ثم أذهب معهم إلى مسابقة من المسابقات ولكن هذه المسابقة تكون لطلاب “الإنترناشونال” التى لا تقبل طلبة الدمج، ولكن الدكتور عامر الذي يقوم بدوره مصطفى شعبان يصر على أن أذهب معه للمسابقة، وذلك لأنه رأى فيّ الموهبة الكبيرة، ثم يقنع الذين معه بأن ألتحق بالمسابقة، وبعد أن ألتحق بهذه المسابقة أقوم بالغناء وأكون سببا في فوزنا بهذه المسابقة .
** لقد شاهد الجميع وسمع عن تجربتك الرائعة مع الغناء، خاصة بعد ظهورك وأنت تغني في إحدى حلقات مسلسل دايما عامر، من الذي اكتشف فيك هذه الموهبة، ولماذا اخترت الغناء باللغة الإنجليزية في المسلسل، ومن الذي ساعدك على إتقان الغناء بلغة من المفترض أنها ليست لغتنا الأم؟
* بالنسبة للغناء باللغة الإنجليزية، فأود أن أوضح أن هذه الأغنية ليست من اختياري، وإنما كانت اختيار هيثم نبيل الذي أتوجه له بالتحية وأقول له شكرا جزيلاً يا فنان على هذه الأغنية التي حققت نجاحاً كبيراً بفضل الله، أما بالنسبة للأغنية ذاتها فهي تنقسم إلى قسمين، القسم الأول باللغة الأنجليزية، أما القسم الثاني الذي كان بالعربية فلقد كان ترجمة للقسم الأول الذي كان باللغة الإنجليزية، وكان السبب في ذلك الترتيب هو جعل الناس يفهمون أن القسم الثاني هو الترجمة للقسم الأول .
بالحديث عن الغناء باللغة الإنجليزية فأود أن أتقدم بعظيم الشكر لوالدتي التي كانت السبب الأول في إتقاني هذه اللغة، وذلك بحكم عملها كمدرسة للغة الإنجليزية، ولم يقتصر دورها على هذا فحسب، فلقد كانت كذلك مصدر إلهام لي طوال هذه الأعوام جنباً إلى جنب مع والدي الحبيب.
** خلال فعاليات هذا المؤتمر طلبت من الرئيس عبد الفتاح السيسي إضافة مادة احترام الآخر للمناهج، كيف جاءت هذه الفكرة لك، وهل كانت هذه الفكرة فكرتك، أم كان هناك أشخاص آخرون وراءها؟
* بالتأكيد لم تكن هذه الفكرة فكرتي وحدي، ففي التحضيرات التي سبقت عقد المؤتمر، كنا نقوم بعمل ورشة عمل حضرناها مع أولياء أمورنا، وذلك داخل مقر الاتحاد المصري للإعاقات الذهنية برئاسة المهندسة أمل مبدى رئيس الاتحاد، وخلال هذه الورشة كنا نفكر بإضافة شيء جديد، ومن هنا جاءت فكرة إضافة مادة جديدة للمقررات الدراسية تحت عنوان احترام الآخر، التي أود أن أؤكد أنها كانت مطلباً جماعياً وليست طلبي وحدي.
** مما لا شك فيه، فقد كان مقترحك بشأن مادة احترام الآخر مقترحاً مفاجئاً للجماهير، فلم يكن موجوداً من قبل مواد كهذه، ما هو السبب الرئيسي الذي جعلك تطلب طلبا كهذا من رئيس الجمهورية؟
* بالنسبة للسبب الذي دفعنى لطلب هذه المادة، هو أنني رأيت خلال هذه الورش مجموعة من أصدقائي، الموجودين في مدارس الدمج، يواجهون مشاكل كبيرة في تقبل الآخرين لهم، ومن هنا نبعت الفكرة بالنسبة لنا لكي نطرحها وكلى أمل أن يكون لها دور في احترام الأولاد بعضهم البعض، وبناء جيل من الأسوياء من بداية وجودهم في المدرسة حتى يكبروا .
** كما كان متوقعا، فلقد تمت إضافة هذا الكتاب للمقررات الدراسية للصف الثالث الابتدائى، صف لنا انطباعاتك عن هذا الكتاب بعد أن أصبح موجودا على الواقع وكان مجرد اقتراح بسيط؟
* لقد قام الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم بإرسال إهداء لي لأول نسخة من نسخ هذا الكتاب الذي تمت إضافته للصف الثالث الابتدائي، والكتاب عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة التي تحمل بداخلها العبر والعظات.
** لقد رأينا جميعا التفاعل الكبير من الرئيس السيسي معك خلال فعاليات المؤتمر، حدِّثنا عن شعورك حينها، وهل تحدثت معه بعد انتهاء فعاليات المؤتمر؟
* بالتأكيد فلقد كان إحساسي رائعا للغاية عندما علمت بالاستجابة السريعة من الرئيس عبد الفتاح السيسي لطلبي بتدريس مادة احترام الآخر، الذي أود أن أخصه بالشكر على هذه الاستجابة الفورية .
وبالحديث عن كواليس ما بعد المؤتمر، فلقد حدثت العديد من الأمور التي لا أستطيع إخباركم بها، ولكن الملفت أن قامت العديد من القنوات التلفزيونية بالاتصال بي لكي يقابلوني، وهو ما أسعدني جدا، لأنه أظهر لنا أن هناك من يهتمون بنا ويسمعون آراءنا، وكان ذلك كله نتاجًا لاهتمام أكبر قيادات الدولة بنا وعلى رأسها الرئيس السيسي .
** لقد لقى هذا المؤتمر تفاعلا واسعا في كل وسائل الإعلام المحلية، ومما لا شك فيه فقد عنيت الدولة بهذا المؤتمر عناية بالغة، حدِّثنا عن التسهيلات التي قدمتها الدولة لكم بعد هذا المؤتمر؟
* في الحقيقة لقد وجدت العديد من التسهيلات التي قامت الدولة بها، ولعل أبرز هذه التسهيلات التي لمستها بنفسي هو الشرح الصوتي في المتاحف، وكذلك الشرح المكتوب بلغة برايل على لوحات المتاحف، وكذلك “رامبات” الكراسي المتحركة التي أضيفت لأماكن متعددة مثل المترو، حيث سهّلت بشكل كبير عملية الدخول والخروج لأي شخص لا يستطيع الحركة إلا على كرسي متحرك.
** من المعرف أنك تمتلك مواهب متعددة في مجالات مختلفة، فانت ممثل ومغنٍ وأيضا سباح كبير، كم عدد الميداليات التي حصلت عليها في السباحة، ومن هو مثلك الأعلى في الرياضة، وما هو طموحك في هذه اللعبة؟
* لله الحمد فأنا بطل الجمهورية في السباحة، كما حصلت على أكثر من 25 ميدالية كان آخرها ميداليتي ذهب في سباقي 100 متر حرة و50 متر، أما مثلي الأعلى في السباحة فهو الكابتن آية أيمن، وأنا أطمح للاستمرار في هذه اللعبة وأن أشارك في الدورة البارالمبية لسنة 2024.
** كثيرا ما نرى الارتباط الوثيق بين ذوى الإعاقة البصرية وبين الراديو بشكل عام وإذاعة القرآن الكريم بشكل خاص، من هو أكثر قارئ تسمع له في إذاعة القرآن الكريم أوحتى خارجها؟ وهل مازلت تحفظ القرآن الكريم؟ وهل كان للقرآن تأثير في حياتك؟
* للأسف الشديد أنا حاليا متوقف عن الحفظ، على الرغم من أني كنت أحفظ مع إحدى المعلمات التي كانت تحفظني إلا أنني توقفت لفترة، ولكنني أنتوي استئناف الحفظ مرة أخرى والتركيز على ختمه عن قريب بمشيئة الله، وذلك لأن القرآن الكريم كان ولا يزال له عظيم الأثر في حياتي، ونجاحاتي حيث إنني لا أستطيع النوم بدون الاستماع له، ودائما ما كنت أحاول أن أخصص له وقتًا في رمضان للقراءة وذلك من خلال مصاحف برايل، وأنا الآن أركز على ختمه بإذن الله، أما بالنسبة لقارئي المفضل فهو الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله.
** حدِّثنا عن الكيفية التي من خلالها تقوم بالتوفيق ما بين الدراسة والتمرين والغناء وباقي النشاطات التى تمارسها؟
* إن من يتولى تنظيم أوقاتي هما أبي وأمي اللذان أود أن أرسل لهما جزيل الشكر على كل ما قدماه لي حتى الآن، فلولاهما ما كنت موجودا الآن .
** بعد كل هذه المواهب التي تمتلكها، ما هو المجال الذي ترغب في سلكه عندما تكبر؟
* أود أن أكون أديبا كبيرا مثل الدكتور طه حسين، حيث إنني أحب الأدب العربي حبا كبيرا .
** وفي النهاية نود منك أن تختم بكلمة تحفِّز بها أي شخص يعاني من الإحباط واليأس والتنمر، ولا يستطيع أن يستغل مواهبه بالشكل الصحيح
* أود أن أقول لهم ثقوا بأنفسكم، واتبعوا أحلامكم، وبمشيئة الله في يوم ما سيقوم المولى عز وجل بإرسال من يصدقكم ويؤمن بمواهبكم.