محمد عبد الرؤف
فى عالم آخر لا تسمع فيه سوى صفير أذنيك، كأنك تعيش فى فقاعة تحجب عنك التواصل مع من حولك، فلا تستطيع التعامل مع الآخرين إلا بالمترجمين، لتصنف شخصًا “من نوع آخر”، محرومًا من مميزات كثيرة يتمتع بها غيرك، هكذا واقع مجتمع الصم وضعاف السمع، حيث تجد المهدر حقوقهم يواجهون مشاكل كبيرة تحرمهم من أبسط الخدمات الحياتية، فيهدر حقهم فى الصحة والإسكان والتعليم نتيجة الإهمال والتهميش وعدم الإدراك للغة الإشارة الخاصة بهم.
يفتقد مجتمع الصم أبسط حقوقهم فى التعليم، فنجد المدارس تركز فى تحصيل الطلاب على التواصل المباشر، إلا أن الصم بالطبع تحصيلهم منخفض بشكل عام، وهو ما ينتج عنه مشاكل فى القراءة والكتابة، حيث يحتاجون للتفاعل الاجتماعى عبر لغة الإشارة، وهو ما نفتقده فى المدارس العادية.
يجد الطالب الأصم نفسه متهمًا بالفشل فى الدراسة، وهو ظلم بيّن، مما يسبب له مشاكل نفسية عديدة، على الرغم من أن ما يحتاجه فقط الاعتراف بلغة الإشارة كلغة رسمية؛ وذلك لتوفير فرص متساوية داخل مؤسسات وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى.
قد يرى البعض أن حل المشكلة فى دمج الصم بالمدارس العادية؛ لخلق نوع من التفاعل الاجتماعى، إلا أن هذا الرأى من الممكن أن يأتى بنتائج عكسية، فهل يتخلى المدرسون عن طريقة التدريس التقليدية، وهى التى لا تسمن ولا تغنى من جوع لتحصيلهم الدراسى.
كما أن التفاعل بين الطلاب العاديين والصم قد يسبب مشاكل اجتماعية ونفسية لهم، إذ إنهم بالطبع سيكونون مادة للسخرية والتنمر، وينتهى بهم الأمر إلى العزلة.
هنا نجد مشكلة أخرى تكمن فى أن بعض الآباء يرفض وجود أبنائهم العاديين مع طلاب صم لوصفهم “الخاطئ” بالغباء والعدوانية.
ولا تنتهى مشكلات مجتمع الصم عند التعليم فقط، فتوجد العديد من المشكلات يعانون منها فى الحياة اليومية مثل (التوظيف، الرعاية الصحية، التعامل مع التكنولوجيا، المزايا الحكومية)، فيرى أصحاب العمل أن الموظف الأصم شخص غير مرغوب فيه، لأنه سيحتاج إلى وقت للتدريب على العمل، بالإضافة إلى أماكن إقامة مكلفة، وهذا المنظور غير صحيح فالموظفون الصم قادرون على التكيف بشكل جيد مع الوظيفة.
أما من المنظور الدينى فقد حث النبى – صلى الله عليه وسلم – على جبر الخواطر وتجنب إيذاء الآخرين ولو بكلمة، إلا أن بعدنا عن الدين والتربية جعلنا لا نشعر بمن حولنا أو نخاف على شعورهم، أو نخاف الله الذي خلقك فسواك في أحسن صورة.