مرام فايز 

وُلد أبو عيسي محمد الترمذي سنه ٢٠٩ هجرياً، ويعدُّ من أعلام الحديث النبوي، وأحد الأئمة الست للحديث النبوي بكتابه الشهير (سنن الترمذي).

وقد وُلد في إحدى قرى مدينة ترمذ تسمى (بُوغ)، وقضى طفولته بها، ومن ثم ارتحل إلى خراسان طلباً للعلم، وأعقب ذلك بالسفر إلى العراق والحجاز، لكنه لم يزر مصر والشام، بخلاف ما هو سائد في زمانه.

وقد أصيب  بالعمى في مرحلة متقدمة من عمره، بسبب حبه الشديد للعلم والقراءة والكتابة المتواصلة، ولم يتخل عن العلم جراء إصابته بل ألف الكثير من الكتب والمؤلفات حيث تطرق ابن كثير إلى بعضها بقوله: “الترمذي أحد أئمة الحديث في زمانه، وله المصنَّفات المشهورة، منها: “الجامع”، و”الشمائل”، و”أسماء الصحابة”، وغيرها الكثير .

وقد عاش في القرن الثالث الهجري إبان الدولة العباسية، وذلك القرن كان قرن الحديث النبوي بلا منازع، حيث ظهر فيه علماء الحديث الذين بذلوا جهداً في جمعه، وأبرزهم البخاري إلى مسلم إلى الترمذي وابن ماجة والنسائي وأبو داود.

وتفقه الترمذي على شيخ الحديث الإمام البخاري، الذي عاصره، وبذل في جمع الأحاديث عن المحدثين، وعمل على تصنيف كتابه “سنن الترمذي”.

وقيل إنه لما مات البخاري صار هو العالم في خراسان الذي يُشار إليه، ويُروى أنه بكى كثيراً على موت البخاري.

 

ويروى الترمذي نفسه أن الإمام البخاري قال له وقد تفقه عنه: “ما انتفعتُ بك أكثر مما انتفعت”.

ومن أبرز كتبه الأخرى بعد السنن كتاب “الشمائل المحمدية” الذي يعتبر من مراجع السيرة النبوية، وقد ذكر فيه الترمذي أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم، وبيّن الشمائل والأخلاق والآداب التي تحلى بها سلوكاً وعملاً واهتداءً، فقسمه إلى 55 باباً، وجمع فيه 397 حديثاً.

الكتاب الثاني هو “علل الترمذي الكبير”، وهو عبارة عن عدة أحاديث يرويها الترمذي بأسانيده، ثم يعقبها بالحكم على كل حديث منها إما بكلامه وإما بكلام شيوخه الذين يذكرهم، وقد كان النصيب الأوفر من الحكم على هذه الأحاديث من نصيب الإمام البخاري، وقد بلغت نصوص هذا الكتاب 484 نصًا مسندًا، وقد تم تصنيفه في “ترتيب علل الترمذي الكبير”.

 

وهناك كتاب “العلل الصغير” وهو ملحق بسنن الترمذي، جمع فيه الأحاديث المعللة على ترتيب الأبواب الفقهية، وبيّن فيه علة كل حديث.

وللترمذي مؤلفات أخرى منها ما هو مفقود، ومن هذه المؤلفات عامة: “الزهد”، “كتاب التفسير”، “كتاب التاريخ”، “كتاب الأسماء والكنى”.

وبلغ الترمذي مبلغاً يذكره التاريخ في الإتقان في عمله، كذلك ضُرب به المثل في الحفظ، ويعلم أن علم الأحاديث كان يتطلب هذه المهارة التي نجدها عند علماء الحديث وهم يتنقلون بين البلدان في مهام لم تكن بالسهلة في زمن كانت الحياة فيه ليست كاليوم.

حيث وصفه ابن حبان وهو من علماء الحديث الذين عاشوا في نهاية القرنين الثالث والرابع الهجريين، بأنه “كان من الأئمة الستة الذين حرسوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصبحت كتبهم في عالم السنة هي الأصول المعتمدة في الحديث، ومن الذين نضّر الله وجوههم لأنه سمع حديث رسول الله فأداه كما سمعه”.

وتُوفي الترمذي في ١٣ رجب ٢٧٩ هجريًا في البلدة نفسها التى وُلد بها .